الحمد لله، والصلاة والسلام علَى رسولِهِ ومُصْطَفاه وَآلهِ وصحبهِ ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فمن هذه التفعيلات – المذكورة في الدرس السابق – تُبنى أبيات القصائد العربية، وكل قصيدة تُبنى على بحر واحد من بحور الشعر، ويتميز كل بحر عن غيره بحسب التفعيلات المستخدمة في بناء أبياته، والتغييرات التي تطرأ عليها، كما ستعرف لاحقًا إن شاء الله.
وتنقسم البحور من حيث عدد تفعيلات أبياتها إلى صورتين:
(أ) بـحـور سُداسيَّة : إذا كان عدد تفعيلات البيت الواحد من القصيدة = ست تفعيلات.
مثال: وزن البيت الواحد من بحر الكامل هو:
[ متفاعلن متفاعلن متفاعلن *** متفاعلن متفاعلن متفاعلن ].
(ب) بـحـور ثُـمـانِـيَّة : إذا كان عدد تفعيلات البيت الواحد من القصيدة = ثَمانِيَ تفعيلات.
مثال: وزن البيت الواحد من بحر المتقارب هو:
[ فعولن فعولن فعولن فعولن *** فعولن فعولن فعولن فعولن ].
والبيت له أربع صور : ( تام / مجزوء / مشطور / منهوك ) :
1- بيت تامٌّ
: إذا كان من شطْرَيْنِ لم تسقط منهما أي تفعيلة.
راجع المثالين السابقين.
2- بيت مَـجـزوء
: إذا سقطت تفعيلة من كل شطر.
فيصير السداسي رباعيًّا، مثل:
[ متفاعلن متفاعلن *** متفاعلن متفاعلن ] .
و يصير الثماني سداسيًّا، مثل:
[ فعولن فعولن فعولن *** فعولن فعولن فعولن ].
3- بيت مشطور
= شطرٌ من البيت التام.
ولم يردْ إلا في بحرَيْن ، هما: الرَّجَز والسريع.
4- بيت منهوك
= شطرٌ من البيت المـجـزوء.
ولم يردْ إلا في بحرَيْن ، هما: الرَّجَز والمُنسرَح.
وسيأتي تفصيل ذلك في مكانه – إن شاء الله.
* ملحوظة :
أبيات القصيدة كاللؤلؤ المنظوم في عقد، وكل لؤلؤة مساوية لأختها في الحجم والنوع، فلا يجوز تنويع أبيات القصيدة الواحدة ما بين تامٍّ ومجزوءٍ ومشطورٍ ومنهوكٍ؛ بل يجب اختيار النوع من أول القصيدة ثم تعميمه على سائرها، وكذا لا تُبنَى القصيدة على أكثر من بحر، وهذا هو الوارد عن العرب، لا غير، ولم يَحِدْ عن ذلك إلَّا بعضُ المتأخرين من المُفلِسين، أو المغرضين، أصحابِ بدعة الشِعْر الحُـرّ !! وما هو بشِعْر؛ بل هو عَيْنُ النَّـثْر.
ولَعَلِّي أُفْرِدُ مقالًا في بيان خطورة ذلك الأمر على اللغة العربية، وأنه باب للطعن في القرآن من طَرْفٍ خفي، فالله المستعان.
مصطلحات مهمة
● العَـرُوض : هي آخر تفعيلة بالشطر الأول من كل بيت.
و بها سُمّيَ هذا العلم.
● الضَّـرب : هو آخر تفعيلة بالشطر الثاني من كل بيت.
● الحَـشْو : يطلق على كل تفعيلة غير العروض والضرب.
● الصَّـدْر : قد يُطلق على التفعيلة الأولى من كل بيت، وقد يُطلق على الشطر الأول بأكمله، ويسمى الشطر الثاني حينئذٍ بالعَـجُـز.
وهاك ما نظمتُه في فصل (بـناء الأبـيات) في منظومتي المُسَمّاة (الخُلاصة الشافية في العروض والقافية) :
وَمِنَ التَّفَاعِـيلِ الْبُـيُوتُ تَشَـيَّدَتْ
وَالْبَـيْتُ مِنْ شَـطْـرَيْنِ تَـامًا يُـنْشَدُ
مَـجْـزُوءُهُ كَـالـتَّـامِ لَـكِنْ عِـنْدَمَـا
تَـفْـعِــيلَةٌ مِنْ كُـلِّ شَـطْـرٍ تُـفْـقَـدُ
مَـشْطُورُهُ كَالشَّـطْـرِ مِمَّا تَمَّ ، وَالْـ
ــمَـنْهُوكُ فِي الْمَـجْـزُوءِ شَطْـرٌ مُـفْرَدُ
وَبآخِـرِ الشَّـطْـرِ الْمُـقَـدَّمِ دَائِمًا
تَـفْـعِـيلَةٌ تُـدْعَى: عَـرُوضًا، تَـلْـبَـدُ
وَ نَـظِـيرُهَا فِي آخِـرِ الْبَـيْتِ اسْـمُهُ:
ضَـرْبٌ ، وَدُونَهُمَا فَـحَـشْوٌ يُـرْصَـدُ
وصلَّى الله على نبينا محمدٍ وآلهِ وصحبهِ وسلَّم
وفّقه الله لِما يحب و يرضَـى
إخوتي الكرام !! أُرَحِّب بأسئلتكم واستفساراتكم ، فلا تترددوا في إرسالها من خلال تعليق هـنا ، حتى يتم الفهم وتتحقق الثمرة المَـرجُـوَّة ويَـعُـمَّ النفع بإذن الله . بارك الله فيكم .
أتمنى أن يكون للدرس نسخة صوتية! وجزاك الله خيرا.
جزاك الله خيرا
وجزاكم الرحمن، وهذا هو الدرس الرابع فأشعلوا الهمم:
التغييرات الطارئة على التفعيلات ( أولًا: الزِحافات )
أخيرا وجدت من يشفي صدري بكلام عن هذا النثر المسمى بالشعر الحر. جزاك الله خيرا.
وجزاك الرحمن .
إن شئت الزيادة في مسألة الشعر الحر فاقرأ إجابتي على الأخ عبيد حسان في التعليقات تحت هذا الدرس : البحر المتدارك .
ملاحظة بسيطة: لا تَقُلْ ثَانٍ حتى يكون هناك ثالث، وإلاّ فَقُلْ أوّل وآخر، بذلك يُرجى قول الشطر الأول والشطر الآخِر. شكرًا لك.
جزاك الله خيرًا على كل حال، ولكن…الثَّانِيَةِ .
روى البخاري في صحيحه عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- في وصفه لقراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: … وكان يُطَوِّلُ في الرَّكْعَةِ الأُولَى مِن صَلَاةِ الصُّبْحِ، ويُقَصِّرُ في
قلتُ: ولم يقل في الأخرى أو الآخرة، مع أن صلاة الصبح (الفجر) ركعتان لا ثالث لهما.
ومثل ذلك رُوِيَ عن أم المؤمنين عائشة وابن مسعود وغيرهما من الصحابة العرب الفصحاء.
فأرجو من الإخوة الكرام عدم التسرع في تخطئة الناس بغير دليل، وإذا كان الأمر واسعًا وفيه وجوه صحيحة؛ فلا يصح تحجير الواسع والتضييق على العِباد وإجبارهم على وجهٍ غير واجب، حتى وإن كان هو الأشهر من وجهة نظرهم، طالما أن غيره من الوجوه ليس بباطل ولا مردود، فكيف إذا كان صحيحًا مشهورًا على ألسنة أفصح فصحاء العرب !
وعلينا أن ننشغل بتصويب الأخطاء الحقيقية للناس في العقيدة والفقه وفي سائر الأبواب، مرورًا بالأخطاء اللغوية الواضحة كقول القائل: “ملاحظة بسيطة” والبسيط هو الواسع الممتد، مع أن الظاهر أن القائل يقصد عكس ذلك المعنى، فالصواب أن يقول: “ملاحظة يسيرة”.
وجزاكم الله خيرًا وجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.