الحمد لله، والصلاة والسلام علَى رسولِهِ ومُصْطَفاه، وَآلهِ وصحبهِ ومَن والاه، أمَّا بعدُ: فمن البحور ذات التفعيلة المتكررة ستًّا: (البحر الوافر)، وهو من أشهر بحور الشعر العربي، ومِن أكثرها رَواجًا، وذلك لعذوبة وزنه، وسهولة نظمه، وقد سُمِّيَ بالوافر لوفرة حركاته التي يمكن أن تصل إلى 28 حركة في البيت الواحد.
◆ أصل بنائه :
مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ
*** مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ مُفاعَلَتُنْ
وقبل ضرب الأمثلة تذكَّر أنَّ:
● البيت التامّ = كل بيتٍ ذو شطْرَيْن ولم يفقد أي تفعيلة.
● العَروض = آخر تفعيلة في الشطر الأول.
● الضرب = آخر تفعيلة في البيت.
● الحشو = كل تفعيلة غير العروض والضرب.
● القَطْف = حذف + عَصْب.
فالحذف يُسقِط السبب الخفيف المتطرف في آخر التفعيلة، وبه تصير [مُفاعَلَتُنْ] إلى [مُفاعَلَ]، والعَصْب يُسكن المتحرك الخامس، فيصير الناتج [مُفاعَلْ=//ه/ه]، ويمكنك التعويض عن [مُفاعَلْ] بتفعيلة مشهورة مكافِـئة لها في الوزن وهي [فَعُولُنْ=//ه/ه].
● وهناك أربع زِحافات تنال حشو الوافر أحيانًا:
◇ العَقْل: بإسقاط الخامس، فتصير [مُفاعَـتُنْ].
◇ العَصْب: بإسكان الخامس، فتصير [مُفاعَلْتُنْ]، ويمكنك التعويض عنها بــ[مَفاعِيلُنْ] فلها نفس وزنها.
◇ الكَـفّ: بإسقاط السابع، فتصير [مُفاعَلَتُ].
◇ النقْص = عصب + كـف، فتصير [مُفاعَلْتُ].
◆ صُـوَرُهُ المَرْوِيَّةُ عن العرب :
رُوِيَتْ منه قصائد كثيرة لم تخرج عن ثلاث صور، وهي:
1) تامٌّ ذو عَروضٍ وضربٍ مَقْطُوفَيْنِ.
2) مَـجْـزُوءٌ ذُو عَروضٍ صحيحة، وضربٍ مَعْصُوب.
3) مَـجْـزُوءٌ ذُو عَروضٍ صحيحة، وضربٍ صحيح (لا يدخله العَصْب أبدًا).
◆ الصورة الأولى :
تامٌّ ذو عَروضٍ وضربٍ مَقْطُوفَيْنِ:
مُفاعلتن مُفاعلتن مُفاعَلْ
*** مُفاعلتن مُفاعلتن مُفاعَلْ
أو
مُفاعلتن مُفاعلتن فَـعُولُنْ
*** مُفاعلتن مُفاعلتن فَـعُولُنْ
* تنبيه ! : اعلم – رحمك الله – أنك إذا عوَّضْتَ عن [مُفاعَلْ] بــ[فَـعُولُنْ] فليس يجوز لك بحالٍ إدخالُ زِحاف (القبض) عليها بحذف الخامس الساكن فتصير [فعولُ]؛ بل تظل صحيحةً وُجُوبًا كما هي.
ما سبب ذلك ؟ تَـدَبَّـرْ تعرف الجواب.
● مــثال :
تَذَكَّـرْ يَا أَخَا الإِسْلامِ أَنِّي
*** أخٌ فِي الدِّينِ مِـنْكَ وَأَنْتَ مِـنِّي
أُحِـبُّكَ مُـخْلِصًا فِي اللهِ حَقًّا
*** وَأَنْتَ تُـحِـبُّنِي إنْ صَـحَّ ظَـنِّي
● تقطيع البيت الأول (بطريقة المبتدئين):
1- الكتابة العَـرُوضِـيّة:
تَذَكْكَرْ يَا أَخَ لْإِسْلامِ أنْنِي
** أخُنْ فِدْدِينِ مِنْكَ وَأَنْتَ مِنْنِي
2- تمييز الحركات والسكَنات في كل كلمة:
//ه/ه /ه // ه/ه/ه/ /ه/ه
** //ه /ه/ه/ /ه/ //ه/ /ه/ه
3- رصد الأسباب والأوتاد:
//ه /ه /ه //ه /ه /ه //ه /ه
** //ه /ه /ه //ه // /ه //ه /ه
4- رصد التفعيلات المحتملة:
(//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) (//ه/ه)
** (//ه/ه/ه) (//ه///ه) (//ه/ه)
مُفاعَلْـتُنْ مُفاعَلْـتُنْ فَـعُـولُنْ
** مُفاعَلْـتُنْ مُفاعَلَـتُنْ فَـعُـولُنْ
أو
مَفاعِـيلُنْ مَفاعِـيلُنْ فَـعُـولُنْ
** مَفاعِـيلُنْ مُفاعَلَـتُنْ فَـعُـولُنْ
وتجد بعض تفعيلات الحشو أصابها العَصْبُ فحوَّل [مُفاعَـلَـتُنْ] إلى [مَفاعِـيلن]، ولكنه ليس بلازم، أي: هو على سبيل الاختيار، ولا يلزم إيراده في كل تفعيلة أو في كل بيت.
5- اكتشاف البحر الذي تم بناء البيت على وزنه:
وهو البحر الوافر التام ذو العَروض والضرب المَقْطُوفَيْنِ.
● تقطيع البيت الثاني (بطريقة المحترفين):
أُحِـبُّكَ مُـخْـ (مُفاعلَتُنْ)
ـلِصًا فِي اللَّــ (مَفاعيلُنْ)
ــهِ حَـقًّا (فَـعُـولُنْ)
وَأَنْتَ تُحِـبْـ (مُفاعلَتُنْ)
ــبُـنِي إِنْ صَـحْـ (مَفاعيلُنْ)
ــحَ ظَـنِّي (فَـعُـولُنْ)
◆ الصورة الثانية :
مَـجْـزُوءٌ ذُو عَروضٍ صحيحة، وضربٍ مَعْصُوب:
مُفاعَـلـتُنْ مُفاعَـلـتُنْ
*** مُفاعَـلـتُنْ مُفاعَـلْـتُنْ
بإسكان اللام لُزومًا في التفعيلة الأخيرة، ويمكنك التعويض عن (مُفاعَلْتن=//ه/ه/ه) المعصوبة بتفعيلة مشهورة مكافِـئة لها في الوزن وهي (مفاعيلُن=//ه/ه/ه) فيصير وزن البيت:
مُـفاعَـلـتُنْ مُـفاعَـلـتُنْ
*** مُـفاعَـلـتُنْ مَـفاعِـيلُنْ
ولكن اعلم أن (مَـفاعِـيلُنْ) في هذه الحالة ينبغي أن تبقى جامدة، فلا يجوز حذف يائها بزِحاف القَبْض لتصير (مَفاعِلُن)؛ بل يجب أن تبقيها صحيحةً دائمًا، وإلَّا اختلَّ وزن هذا البحر.
واعلم أن عَروضَ مجزوء الوافر صحيحة دائمًا، فإذا طرأ عليها زِحاف فهو غير لازم، أما الضرب فهو معصوبٌ لُزومًا في هذه الصورة، فلا يزول العصب عنه في أي بيت.
● مـثال :
شَكَوْتُ وَلَسْتُ مَـعْـصُـومًـا
*** وَقَـدْ أُثْـقِـلْتُ بِالذَّنْبِ
وَإِنْ أَصْــبَحْتُ مَـظْـلُومًـا
*** فَظُلْمُ الأَمْسِ مِنْ كَسْبي
● تقطيع البيت الأول (بطريقة المبتدئين):
1- الكـتابة العَـرُوضِـيّة:
شَكَوْتُ وَلَسْتُ مَعْصُومَنْ
*** وَقَدْ أُثْـقِـلْتُ بِذْذَنْبي
ولأن الضرب لم ينته بساكن وجب إشباع حركته.
2- تمييز الحركات والسكَنات في كل كلمة:
//ه/ //ه/ /ه/ه/ه
*** //ه /ه/ه/ /ه/ه/ه
3- رصد الأسباب والأوتاد:
//ه // /ه //ه /ه /ه
*** //ه /ه /ه //ه /ه /ه
4- رصد التفعيلات المحتملة:
(//ه///ه) (//ه/ه/ه)
*** (//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه)
مُفاعَلَـتُنْ مَفاعِـيلُنْ
*** مَفاعِـيلُنْ مَفاعِـيلُنْ
وتجد الضرب أصابه العصب لُزومًا فصار من [مُفاعَلَتُنْ] إلى [مَفاعِيلُنْ]، وكذا تفعيلة العَروض وإحدى تفعيلات الحشو أصابهما العَصْب، ولكنه ليس بِلازمٍ فيهما.
5- اكتشاف البحر الذي تم بناء البيت على وزنه:
وهو البحر الوافر المجزوء ذو العَروض الصحيحة والضرب المعصوب.
● تقطيع البيت الثاني (بطريقة المحترفين):
وَإِنْ أَصْــبَحْـ (مَفاعِـيلُنْ)
تُ مَـظْـلُومًا (مَفاعِـيلُنْ)
فَـظُـلْمُ الأَمْــ (مَفاعِـيلُنْ)
ــسِ مِنْ كَسْبي (مَفاعِـيلُنْ)
وهنا فائدةٌ لطيفة ! حيث تجد جميع تفعيلات البيت السابق قد أصابها العصب فصارت كلها [مَفاعيلن] وهذا هو عين وزن بحر (الهَزَج)، ولكن ذلك ليس كافيًا للحكم على البيت بأنه من هذا البحر؛ بل هو من (الوافر) بلا شك، لأن القصيدة وِحْدَةٌ واحِدَةٌ لا تتجزَّأ، وقد وردت [مُفاعَلَتن] في البيت الأول، وطالما وردتْ [مُفاعَلَتن] بفتح اللام في أي بيت من أبيات القصيدة، ولو مرةً واحدةً؛ فإنَّ القصيدة تكون من البحر الوافر.
وهذا يؤكد أهمية تقطيع أكثر من بيت في نفس القصيدة حتى يتم التأكد من البحر الذي تنتسب إليه.
◆ الصورة الثالثة :
مَـجْـزُوءٌ ذُو عَروضٍ وضربٍ صحيحين:
مُـفاعَـلتن مُـفاعَـلـتن
*** مُـفاعَـلتن مُـفاعَـلَتن
تجد في هذه الصورة أن الضرب يكون صحيحًا كالعَرُوض، وقد تطرأ عليهما زِحافات ولكنها لا تلزم، إلَّا أن الضرب يمتنع فيه العصب، فلو أصابه العصب لَزِمَهُ وصار من قبيل الصورة الثانية السابق شرحها، فانتبه !
● مـثال :
قال ابن الرومي:
لِـيَـكْـفِـكَ حَـاسِدًا حَـسَـدُهْ
*** وَمَـا تَـصْـلَى بِهِ كَـبِدُهْ
فَـلَـوْ أسْـعَـرْتَـهُ نَـارًا
*** لَـكَـانَتْ دُونَ مَا يَـجِـدُهْ
● تقطيع البيت الأول (بطريقة المبتدئين):
1- الكـتابة العَـرُوضِـيّة:
لِـيَـكْـفِـكَ حَـاسِدَنْ حَـسَـدُهْ
*** وَمَـا تَـصْـلَى بِهِي كَـبِدُهْ
2- تمييز الحركات والسكَنات في كل كلمة:
//ه// /ه//ه ///ه
*** //ه /ه/ه //ه ///ه
3- رصد الأسباب والأوتاد:
//ه // /ه //ه // /ه
*** //ه /ه /ه //ه // /ه
وإذا بقيت حركة مفردة في آخر الشطر ، فاعلم أنها من سبب خفيف حُذِفَ ساكِنُه.
4- رصد التفعيلات المحتملة:
(//ه///ه) (//ه///ه)
*** (//ه/ه/ه) (//ه///ه)
مُفاعَـلَـتُنْ مُفاعَـلَـتُنْ
*** مَفاعِـيلُنْ مُفاعَـلَـتُنْ
وتجد أن تفعيلة الحشو الأولى في الشطر الثاني أصابها العصب فـحَـوَّل [مُفاعَـلَـتُنْ] إلى [مَفاعِـيلُنْ] ولكنه عارضٌ غير لازم.
5- اكتشاف البحر الذي تم بناء البيت على وزنه:
وهو البحر الوافر المجزوء ذو العَروض والضرب الصحيحَيْنِ.
● تقطيع البيت الثاني (بطريقة المحترفين):
فَـلَـوْ أسْـعَـرْ (مَفاعِـيلُنْ)
تَـهُ نَـارًا (مَفاعِـيلُنْ)
لَـكَـانَتْ دُو (مَفاعِـيلُنْ)
نَ مَا يَـجِـدُهْ (مُفاعَـلَـتُنْ)
وتجد أن العصب قد أصاب تفعيلات الحشو والعَروض فـحَـوَّل [مُفاعَـلَـتُنْ] إلى [مَفاعِـيلُنْ] ولكنه عارضٌ غير لازم.
وهذه قصائد من البحر الوافر يمكنك التدريب عليها لاختبار فهمك لهذا الدرس:
◄ في نبذ التعصب.
◄ على منهاج أصحاب الرسول.
◄ تنزيه العُـثيمين عن كهف الزائغـين.
◄ منتهى صبر اللبيب في الرد على النقيب.
◄ إعلام الأنام بوجوب إخراج زكاة الفطر صاعًا من طعام.
وإليك الأبيات الموجزة المتعلقة بـ(البحر الوافر) من منظومة (الخُلاصة الشافية) :
وَبـناءُ خَـمْسَةِ أَبْـحُـرٍ تَـفْـعِـيلَةٌ
فِي كُلِّ شَـطْرٍ ثُـلِّـثَتْ وَتُـرَدَّدُ
فَـعَلَى (مُفَاعَلَتُنْ) بناءُ الْوَافِـرِ الْــ
ــمَقْطُوفِ ضَرْبًا كَالْعَرُوضِ يُشَـيَّدُ
وَيُـصَـحَّـحَانِ بـصُـورَةِ الْمَـجْـزُوءِ أَوْ
عَصْبُ الضُّـرُوبِ دَوَامُـهُ يَـتَـأَكَّـدُ
وكَـتَبَهُ / أبو قدامة المصري
وفّقه الله لِما يحب و يرضَـى
مدرسنا نحبك خير حب ** لأنك من تعلمنا لربي.
ولم تك قاسيا خشن الجناب ** وكنت لنا بمنزلة المحب.
جزيت أبا قدامة بالجميل ** كما علمتنا من دون كرب.
وأنت جزاك بالخيرات ربي ** فقد أحسنت بل أسعدت قلبي.
ولـكن في عروض الوافر امنع ** (فعول) وقل (فعولن)، ذاك ذنبي!
لأني ما أشرت لمـنع قـبضٍ ** فسوف أضيفه إن شاء ربي.
تمت إضافة التنبيه على منع القبض في (فعولن) بالبحر الوافر.
جزاكم الله خيرا.
شعوري ليس يعدله شعورُ ** و قلبي فيه فخر بل سرورُ
وقافيتي قد ازدانت بهاءًا ** ففاح المسك منها والعطورُ
فشعري اليوم أقرضه ورودًا ** فبعض الشعر فلٌ بل زهورُ
سبت قلبي دروسٌ في العروض**يقدّمها لنا شيخٌ وقورُ
جزيت أبا قدامة كلّ خيرٍ ** جزاءً فيه مكثٌ بل دهورُ
أبا أنسٍ حَـلَلْتَ لَدَيَّ أهْـلًا == وَسَهْلًا مَـرحَـبًا طابَ المُـرورُ
وَطابَتْ هَـذِهِ الأبـياتُ وَزْنًا == ومَعْنًى رَاقَ شِعْرُكَ والشُّعُورُ
ولـكن يا أُخَيَّ اكْـتُبْ (بَهاءً) == بلا ألِفٍ، أي: المَدُّ الأخيرُ (*)
ولا تَقُلِ: (الْعَروضِ) وَقُلْ: (عَروضٍ) == فلا قَـبْضٌ يَصِحُّ ولا قصُورُ (**)
________________
(*) اتفق علماء الإملاء على رسم ألف العِوَض بعد التنوين بالفتح مثل: (رحيمًا – سعيدًا – نصيرًا) إلَّا إذا كان الحرف المُـنَوَّن همزًا مسبوقًا بألف مثل: (جزاءً – بَهاءً – سَواءً) فإن لم يكن الهمز مسبوقًا بألف كُـتِبَتْ ألف العِوَض مثل: (سوءًا – بدءًا – بريئًا) .
(**) راجع شرح الصورة الأولى من بحر الوافر لتستبين المراد .
السلام عليكم
يا استاذ لدي سؤال يتعلق بهذا البحر
هل يعتبر استخدام الوافر كاملا كما استخرجه الخليل (مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن) خروجا عن ضوابط العروض وماذا لو استخدمته تاما في قصيدة هل يجوزذلك
وشكرا يا استاذ على ما تقدمه من جهد في العلم
في انتظار إجابتك 💜
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهوَمَا عَلَّمۡنَٰهُ ٱلشِّعۡرَ وَمَا يَنۢبَغِي لَهُ ﴾، تعالى الله عمَّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
بارك الله فيك أخي الكريم، لا يجوز استخدام الوافر تامًّا إلا مقطوفًا كما تمت الإشارة في الدرس، أي: تصير التفعيلة الأخيرة من كل شطر على وزن: (مفاعَلْ=فعولن)، وليس معنى أن الخليل -رحمه الله- وضعه في الدوائر صحيح العروض والضرب، أنه يرى جواز استعماله هكذا، ولكنه فقط قَصَدَ الإشارة إلى أصل بنائه، وهو نفسه الذي أشار إلى أنه لم يستعمله العرب تامًّا إلى مقطوفًا، عروضًا وضربًا، وهذا بناءً على تتبُّعهِ واستقرائه لأشعار العرب الفصحاء.
وتبقى الإجابة عن السؤال البديهي المعتاد: لماذا هذا التقيد بتلك البحور والأوزان؟ ولماذا لا يكون الأمر واسعًا؟
والجواب: أن توسيع الأمر سيؤدي إلى إسقاط هذا العلم بالكلية تدريجيًّا ولو بعد حين، فاليوم نقبل استعمال البحر الوافر تامًّا بدون قطف، وغدًا نقبل استعمال البحر الطويل مجزوءًا، وبعد غدٍ نقبل استعمال البحر المجتث تامًّا، ثم يأتي من يشيد بالبحور المستحدثة المصنوعة ويقول بأن وقعها أحلى على الأُذن -وقد حدث- وهكذا … حتى تنحل قيود البحور العربية قيدًا بعد قيد، وتنهار ضوابط أوزان الشعر العربي ضابطًا تلو الآخَر، وبالتالي يصير كلُّ كلام وأيُّ كلام شِعْرًا !! بدعوى الشعر الحر !! وما هو إلا أكذوبة؛ بل مؤامرة على اللغة العربية؛ بل مكيدة تُكادُ للقرآن العظيم، نعم، لأن أعداء الإسلام كانوا وما زالوا منذ ظهور فجر الإسلام يحاولون الطعن في القرآن الكريم، فتارةً يقولون: هو أساطير الأولين، وتارةً يقولون: هو سحر، وتارةً يقولون: هو شعر !! ﴿
فإذا تم إسقاط ضوابط وأوزان الشعر العربي القديم الذي كان معلومًا وقتَ نزول القرآن، فسوف ينفتح الباب على مصراعيه للطاعنين في القرآن القائلين بأنه شعر أو شبيه بالشعر !! ، وإذا سكتنا على العبث ولو في بعض ضوابط الشعر العربي القديم، فسوف نكون مشاركين في هذه المكيدة، داعمين لأصحاب المؤامرة على القرآن الكريم وعلى اللغة العربية الشريفة.
والخلاصة: أن عِلم العَروض والقافية وضوابط الأوزان والبحور هو الذي يميز الشعر العربي عن غيره من الكلام، فإذا سقط هذا العلم سقط التمييز واختلط الأمر على الخلق، ولذلك فهو فرض كفاية، مثله مثل معظم العلوم، إذ لو لم تنفر طائفةٌ من كل فرقةٍ لتعلُّمهِ وإتقانهِ لَتجرَّأ الأعداءُ والطاعنون في كتاب الله العزيز، وما وجدوا أحدًا يصدهم ويرد عليهم شبهاتهم، ولَأَثِمَت الأمة كلها لتقصيرها، فإن قام بعضهم بذلك الواجب المحتم أسقطَ الإثمَ عن جميع الأُمَّة بإذن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اللَّهُمَّ قد بلَّغْتُ.
اللَّهُمَّ فاشهد.
موقع ممتاز
و هذا درسنا من بعد تسع **و من علمٍ مفيد نستزيد
فهذا وافرٌ من بعد هزج** لكم ارجو السعادة و المزيد
أخي نورٌ جزاكَ اللهُ خيرًا ** لَعَلَّكَ بالتَّدَبُّرِ تَسْتَفِيدُ
فقَوْلُكَ: (بَعْدَ هَزْجٍ) حالَ فَتْحٍ ** لِزَايٍ كَسْرُ وَزْنٍ، لا يفيدُ
وإنْ أَسْكَنتَ صَحَّ الوَزْنُ لَكِنْ ** تُعَدُّ ضَرُورَةً صَرْفًا تَحِيدُ
ومَفْعُولُ (السَّعَادَةَ) عِنْدَ عَطْفٍ ** عَلَيْهِ فكَيْفَ تُرْفَعُ (والمَزِيدُ)؟!
وإِن نُصِبَتْ يَصِحُّ النَّحْوُ لَكِنْ ** يُصِيبُ العَيْبُ قافِيَةً تَسُودُ
لقد لانت لك الاوزان طوعا
كما لانت لداود الصفائح
فكيف تصو غ كل شيءٍ بيسر
فإني سا مع عطش لنصح
سَلِمْتَ أُخَيَّ نُورٌ كُنْ حَرِيصًا
== فَــبَـيْـتُـكَ أَوَّلًا فِي الْوَزْنِ رَاجِــحْ
وَلَـٰكِـنْ ثَـانِـيًا يَـغْـشَـاهُ كَـسْـرٌ
== وَقَـــافِــــيَـةٌ أُصِــيـبَتْ بالْـقَـــوَادِحْ
فَـذَاكِـرْ كُـلَّ دَرْسٍ قَـبْلَ عَـزْمٍ
== عَلَىٰ نَـظْمٍ ، فَالاسْـتِعْجَالُ فَاضِحْ
وَسَلْ مَا شِئْتَ تَحْتَ الدَّرْسِ وَافْهَمْ
== سَــتَـغْـنَمُ حِــيـنَـهَا وَالفَرْقُ وَاضِحْ
لقد حاولت كتابة هذا الأبيات لتسهيل الحفظ العمليات على الكسور و للتدرب على النظم على الوافر
و في جمعٍ و طرحٍ للكسور
فلا تبخل بتوحيد المقامِ
وفي ضربٍ عليك الأمر سهلٌ
كذا بسطاً ببسطٍ و المقامِ
وفي القسمة. فلا تنسى كلامي
هنا قلبٌ على ثاني المقامِ
و أجرِ الضرب ليس عليك صعبٌ
فهذا من علامات التمامِ
جزاكم الله خيرًا أخي الكريم
وقد نصحتك في تعليق سابق بعدم التسرع والاستعجال في النظم قبل مذاكرة جميع دروس هذه السلسلة، ولكنك تأبَى إلَّا الاستعجال، ولذلك استمرت الأخطاء، وسوف أتركك تكتشفها بنفسك بعد العمل بالنصيحة السابقة.
وبالله التوفيق.
انا البحار في موج انفعالاتي
انا الطيار في اجواء ماساتي
انا عمر من الاهات يسحقني
انا المتوجع المكلوم في ذاتي
أسير الليل كالغرباء في شعري
عذاب الليل تاريخي محطاتي
من اي بحر هذه الابيات التي لاقت استحسانا رائعا لدى المتلقين
هذه الأبيات لا يوافق وزنها أي صورة صحيحة من صور بحور الشعر العربي، وإنما هي موازية لصورة افتراضية من البحر الوافر التام:
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن
ولكنه لم يَرِد عن العرب تامًّا إلَّا مقطوف العَروض والضرب، أي هكذا:
مفاعلتن مفاعلتن فعولن
مفاعلتن مفاعلتن فعولن
.
فأقترح عليك تعديل أبياتك بما يوافق الوزن الصحيح فتصير مثلاً:
أنا البحار في موج انفعالي
أنا الطيار في جوف الليالي …
مفاعلتن مفاعلتن فعولن … وهكذا.
كما أنصحك بقراءة هذه السلسلة من أولها حتى تصل إلى الدرس الحالي لتتضح لك كثير من الأمور إن شاء الله.
بالتوفيق.
بداية جزيل الشكر لحضرتك على ماتفضلت به
لكن دعني اقول مايلي
اصل الدائرة العروضية هي الوافر التام مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن هذا من جهة
من جهة اخرى لماذا اعترضوا علي في الكتابة بالوافر التام كما اعترضت حضرتك
وقد وجدت بعض القلائل من نصوص كتب اصحابها الوافر التام لكن للاسف لم اتذكرها
وان كنت قد خالفت احد البحور وهذا صحيح واعترف به لكن شيئا مهما يبقى بداخلي باني لااشعر بخلل في الوزن او رتابة او ملل حين اكتب او اقرأ في الوافر التام
بالعكس اشعر بالمتعة انا وحتى المتلقي من الجمهور او من العديد من الشعراء
حتى قال احدهم المشكلة هنا ان القصيدة سلسة متناغمة لاتشعر معها بشيء غريب لكن المشكلة الوحيدة انها غير خاضعة للقطف
وان اعتبر البعض هذه اساءة للوزن او لبحور الشعر فما بالك بمن اوجد الشعر الحر
او قل مابالك بمن اوجد مايسمى بقصيدة النثر التي عبرت كل البحور
لماذا حرام علينا ان نلتزم باصل البحر الشعري وحلال عليهم ضرب كل البحور
تقديري العالي سيدي
تقول -بارك الله فيك- أن (البعض) يعتبر كلامك هذا إساءة للوزن.
وأقول: بل هو إجماع علماء العَروض المعتبرين.
وتقول -أحسن الله إليك- أنك وجدت بعض القلائل من نصوص كتب أصحابها الوافر التام ولكنك لا تتذكرها.
وأقول: حتى إن صح كلامك فهي قلائل نادرة، والقاعدة المتفق عليها هي: (لا عبرة بالنادر).
وتقول -أرشدك الله إلى الصواب- أن أصل الدائرة العروضية هو الوافر التام…
وأقول: من قال أن الدوائر العروضية هي أصل الشعر العربي؟! بل إنها دوائر افتراضية افترضها العلماء للتقريب والتيسير، أمَّا الأصل الأصيل في هذا العلم فهو التتبع والاستقراء للنصوص والشواهد المنقولة عن العرب الأوائل، ولم يجد فيها الخليل ولا من بعده شواهد لما يوازي الوافر التام، ولا المقتضب التام، والمجتث التام، كما انعدمت شواهد الطويل المجزوء، والبسيط المشطور، والكامل المنهوك…
أما قولك: لماذا حرام علينا أن نلتزم بأصل البحر الشعري وحلال عليهم ضرب كل البحور؟!!
أقول: ومن قال أن ضرب البحور حلال؟؟؟ أقصد مِمَّن يرَونك مخطئًا بإتمامك للوافر.
لا أحد يقبل ما يسمى بالشعر الحر إلا من عميت بصيرته، أو خبثت نيته فأراد تدمير أصول هذا الفن حتى يصيب اللغة في مقتل، وأراد أن يهدم قواعد هذا العلم حتى يختلط الشعر بالنثر، ويستوي الموزون بالمكسور، ومِن ثَمَّ يجد مسلكًا للطعن في القرآن العظيم ويزعم أن فيه شعرًا !! 《كَبُرَت كلمةً تخرجُ مِن أفواههم إن يقولون إلا كذبًا》.
وختامًا -بارك الله فيك- أنصحك بادخار جهدك ووقتك واستخدام موهبتك وقدراتك فيما ينفع ويفيد، وعليك أن تُثقِلَ موهبتك بالتعلُّم، لا بالجدال أو اتباع الهوى، ولا حتى باتباع الحس والذوق وإعجاب الخلق، فهذا خادع جدًّا، فائدته عقيمة، وعاقبته وَخِيمة.
وإياك أن تكون من المفلسين الذين عجزوا عن أوزان العرب، فلجأوا إلى أوزان مصطنعة أو مفترضة، لا يقدرون على غيرها.
وقد فتحت لك الباب في تعليقي السابق لتعديل أبياتك، وأعطيتك طرف الخيط، فاقبض عليه بقوة وتمسك به تجده حبلًا متينًا يعينك على أن تصير شاعرًا مُبرَّزًا فتفضَّلْ بقبول الهدية والنصيحة، تجد ما يسرُّك بإذن الله، وحينئذٍ لا تنسَ أن تخبرني بثناء الناس على أوزانك أكثر بكثير مما يثنون الآن، وحتى إن فقدت ثناءهم، فهذا أهون من المشاركة في هدم قواعد هذا العلم، فالهدم ليس بالنقص فقط، بل بالزيادة أيضًا، فالزيادة ثقل على قواعد البيت، يوشِكُ أن تكسرها فيخرَّ البيتُ مهدومًا وبانيه مذمومًا !
عافاني الله وإياك من الهدم والذم، وجعلني وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
الشكر والتقدير لحضرتك بما اجدت ووجهت ونصحت
وانا اتقبل النصيحة والنقد البناء وهذا هو ديدني في الحياة بكل محاورها ومفاصلها وليس في الشعر فحسب
لقد كانت كلماتك رائعة تشكر عليها جزيل الشكر لكنها لاتخلو من القساوة في بعض مفاصلها ، قساوة لااستحقها
فمن المؤكد استاذي اني لست ممن يجادل لمجرد الجدال واتباع الهوى
وانا لست ( من المفلسين الذين عجزوا عن أوزان العرب، فلجأوا إلى أوزان مصطنعة أو مفترضة، لا يقدرون على غيرها ) وقد كتبت العشرات من القصائد في الكامل والمتقارب والرمل …… وغيرها
لكن حقيقة ظل موضوع الوافر التام محط تساؤل ، وقد طرحت ماطرحت مستفسرا باحثا متسائلا
جزاك الله خيرا ــ كنت غيورا حريصا اشد الحرص على سلامة اللغة لغة القران العظيم وانا ممتن لذلك
استاذي القدير …..
هل يمكن ان استفسر عن بعض الحالات في الوزن ؟
وهل يمكن ان تساعدني عبر ملاحظاتك القيـّمة في بعض ماكتبت جزيت خيرا
لان في الحقيقة انا كتبت ودرست الشعر وحدي دون مدرس ، فاللغة العربية عموما والشعر خصوصا هي موهبة وهواية ورغبة شديدة في التعلم ، فهي خارج اختصاصي كوني مدرسا في علم الاحياء .
تقديري واحترامي .
مرحبًا بك أخي الفاضل
وأنا لم أتهمك باتباع الهوى أو الجدال بالباطل، وإنما نصحتك أن تتقبل النصح ولا تفتح للشيطان أو لنفسك بابًا للجدال أو يطغى عليك إعجابك بوقع الوافر التام فيغلبك هواك وترفض الحق. هذا ما قصدته، والله على ما أقول شهيد.
والحمد لله، أراك قد انشرح صدرك للنصيحة وتقبلتَ الحق، ولم تجادل ولم تتبع الهوى، بارك الله فيك.
وعلى كل حال أعتذر إليك إن آذاك شيءٌ من كلامي، ومرحبًا بك في أي وقت.
ولعلك تبدأ في هذه السلسلة الميسرة درسًا درسًا من أولها وتترك استفساراتك في تعليق تحت الدرس المناسب لتعم الفائدة.
بالتوفيق.
شكرا لك من اعماق قلبي استاذ
شكرا لسعة صدرك وحلمك ، اشعر بالاطمئنان كوني اتلقى نقدا بناء
وكون ماكتبت سيكون في ايدي امينة ،
ساترك لاحقا قصيدة وربما ساترك عليها بعض الملاحظات آملا في رأي صريح ونقد هادف
جزاك الله خيرا
وجزاكم الرحمن وزكَّاكم وأحسن الله إليكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احبتي الكرام …..
هذه القصيدة التي تحمل عنوان ( السراج )
كتبتها الى المعلم …. وهي من البحر الكامل
وهي مستفعلن مستفعلن مستفعلن
وقد استخدمت في بعض مفاصلها متفاعلن
اريد رأيكم متسائلا ان وجد اي خلل في وزن احد الابيات
الســــراج
أجراس صوتك للقداسة تنتمي
صوتٌ يسافرٌ في الضمائر في الدم
اجراس صوتك ثورةٌ فكريةٌ
ومنارةٌ قدسيةٌ للأمم
ان أُطفئتْ كلُّ القناديلِ فها
انت السراجُ بكل ليل معتمِ
يبقى المعلمُ للشعوبِ بريقها
المجدُ والتاريخُ انت معلمي
الشعرُ يخشع في رحابك ساجدا
يرنو اليك وأنت بين الأنجمِ
اني أحبك والقصيدةُ شاهدٌ
تهفو لشخصك من شجي ملهم
ان الدفاترَ والعيونَ فصيحةٌ
ان صام عن حب وافصاح فمي
اشتاقُ مدرستي وأبكي لشوقها
أبكي بجرح سرمدي مؤلمِ
بوجودك الايام خير مرافئ
أمواجها الزرقاء نبض الحالمِ
ستظل رمزا للسلام مخلدا
أغصانُ فكركَ في أخضرارٍ دائمِ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولًا: أرجو من أخي الكريم الأستاذ/ حيدر أن يتذكَّر اتفاقنا في التعليق السابق، فيضع التعليق تحت الدرس المناسب له، أي أنه كان حق هذا التعليق أن يكون تحت درس بحر الكامل وليس الوافر.
ثانيًا: قولك: … وهي من البحر الكامل
وهي مستفعلن مستفعلن مستفعلن
وقد استخدمت في بعض مفاصلها متفاعلن
أقول: العكس هو الصحيح، أي أن: بناء بحر الكامل من (متَفاعلن) ست مرات، ويجوز أن تتحول إلى (متْفاعلن) بدخول زِحاف الإضمار وهو إسكان الحرف الثاني من التفعيلة فتصير مساوية في الوزن لــ(مستفعلن)، وإنما يجوز ذلك بشرطين: الأول: ألا تكون جميع تفعيلات القصيدة مضمرة لأنها بذلك تصير من بحر الرجز الذي يتكون من (مستفعلن) ست مرات. والثاني: ألا يطرأ على (مستفعلن) المستخدمة في الكامل زحاف إضافي كالخبن مثلًا، فهذا يُخرج القصيدة عن كونها من بحر الكامل.
وقد حدث ذلك في أبياتك في هذين الموضعين:
× ومنارةٌ قدسيةٌ للأمم
× اشتاقُ مدرستي وأبكي لشوقها
ثالثًا: كذلك ظهر في ختام البيتين التاليين عيب من عيوب القافية يسمى سناد التأسيس، وتجد بيانه في الدرس الثامن والعشرين (عيوب القافية):
× أمواجها الزرقاء نبض الحالمِ
× أغصانُ فكركَ في اخضرارٍ دائمِ
رابعًا: كنت قد نصحتك بقراءة هذه السلسلة وأن تكتب استفسارك أو سؤالك أسفل الدرس المناسب، وليس أن تبدأ في نظم القصائد أو تنشر قصائد قديمة نظمتها قبل أن تعرف القواعد والضوابط، فأعتذر عن التعليق على أي قصيدة أخرى قبل أن تقرأ هذه السلسلة المختصرة، لأنني أضطر لشرح المشروح سابقًا وإعادة كتابة المكتوب أصلًا، وهذا ضياع للوقت والجهد.
وجزاكم الله خيرًا على تفهُّم مرادي.
جزيل الشكر والتقدير اخي الفاضل
تقديري واحترامي